قبل أيام كنت صاعداً إلى الطابق السابع في احدى البنايات التجارية، وكان معي في المصعد سيدة (خمسينية) وزوجها وفتاة في أول العشرين.
رجلان وامرأتان.. في المصعد، وفجأة انقطع التيار الكهربائي.. كانت ردات الفعل على الشكل التالي السيدة الخمسينية صرخت بخوف: (علّق..؟!) وزوجها من فزعه صار يضرب باب المصعد وينادي: «احنا محشورين» أما الفتاة العشرينية فقد امسكت بطرف قميصي.. وبدأ الخوف على شفاهها وكنت اشعر برجفتها من خلال يدها.. وانا وبحكم اني احمل تجارب سابقة في عطل المصاعد بدأت بطمأنة الركاب.
المشكلة أن ما حدث ليس (هوشة) تتمثل في وجود مجموعة من المراهقين غازلوا تلك بشكل خادش للحياء العام، ومطلوب من عبدالهادي راجي أن (يفزع).. والمشكلة أيضاً لا ترتبط (بالحميّة) ولا … بنصرة المظلوم.. هي عطل في مصعد.
كان هناك ضوء احتياطي في المصعد للطوارئ هو الآخر تعطل.. وبدأت اشعل (ولاعتي) وأرسل تطمينات لهم بأن المَدَدْ قادم، وكان من الفتاة أن شدت قميصي وقالت لي: «يا عمو احكي من تلفونك مع الدفاع المدني… قلت في داخلي: «عمى الدببة ان شالله» اما زوج السيدة الخمسينية فقد استبد به الهلع واصيب (بدوخة) عنيفة وارتمى على أرض المصعد.. مما حدا بالزوجة للبدء بالصراخ، فكان مني ان قمت بتهدئتها مرة أخرى.. وهذا الأمر أدى أيضاً إلى انفعال الفتاة وبدأت بالبكاء…. وكنت اشعل (الولاعة) بين الفينة والأخرى كي أرى ما يحدث.
تجاوزنا الدقيقة الخامسة والفتاة صمتت أما السيدة الخمسينية فظلت تبكي من دون صراخ… واخبرتني أن (رمزي) أي الزوج لديه سكري وضغط وأنا حكما سمعت صوت (خرخشة) اخبرتهم أن المحاولات قد بدأت في اخراجنا..
لحظات وأخرجت ولاعتي كي اطمئن على (ركاب) المصعد ونتيجة للاستعمال المتكرر لها فعلى ما يبدو ان مقبض (الولاعة) البلاستيك قد ذاب…. وما حدث هو ان الولاعة (فقعت) في يدي، وكان صوتها مدوياً. أغمي على الفتاة العشرينية من شدة الصوت ورمزي بدأ ينوح مثل الأرامل وزوجته .. انتقلت من حالة الصراخ إلى اللطم… ونسيت انها في مصعد معطل، وانتقلت مباشرة لبيت عزاء… احسست انها في بيت عزاء صدقاً والمتوفى يبدو أنه قريب جداً منها.
لن اخفي تطوراً مهماً في القصة وهو انني لم اترك الفتاة العشيرينية ترتمي على أرض المصعد بقيت بين يدي وبذلت محاولات اعترف انها ليست جادة كثيراً في محاولة انعاشها وجعلها تفيق من غيبوبتها.
طال الوقت والفتاة لا تفيق ورمزي جالس على أرض المصعد ويبدو أن قواه خارت وزوجته… هي الأخرى جلست معه وظلت مستمرة في اللطم… وأنا انتقلت إلى مرحلة المحاولات الجادة لانعاش الفتاة كوني تعبت.
لحظات وعادت الكهرباء واضاءت أنوار المصعد ثم خرج صوت خافت وبدأ يتصاعد وكان مقدمة لبدء حركة المصعد.
صمتت زوجة رمزي، بالمقابل رمزي ظل على الأرض، والفتاة افاقت وبدأت بمسح دموعها وسألتني بخوف: «اشتغل عمو… اشتغل» وأنا اجبتها بود وقلت لها: «ما تحكي ثاني مرة عمو» ثم اشرت لرمزي وقلت: «هي عمو مش انا»…
فُتِحَ المصعد وعلى الباب وجدنا (حرّاس العمارة)… ومجموعة من الناس بانتظارنا وأنا خرجت والفتاة العشرينية خرجـت، وصمتت زوجة رمزي وبدأت بالحمد والشكر.. ولكن رمزي ظل جالساً.
يبدو ان تأثيرات السكري والضغط .. وعدم وجود (تواليت) قريب أحدثت أمراً مشيناً لرمزي.
على كل حال سيتدبر رمزي الأمر وأظن أنه أمر ليس محرجاً لشخص مريض.
يا ترى لمن سيدلي رمزي بصوته في الانتخابات القادمة؟؟!.
Via:عبد الهادي راجي المجالي